عاجل
الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ذكرى انتصارات أكتوبر
البنك الاهلي

أحمد محمد عبده: أكتب عن روح البطولة في الشخصية المصرية (مقاتلون أدباء) "1"

أحمد محمد عبده
أحمد محمد عبده

في كتاباته عن أدب الحرب استطاع تصوير روح البطولة، والشخصية المصرية العاشقة للوطن، تفتديه بكل غالٍ، على جبهة الحرب، وعلى الجبهة الداخلية، هو أحمد محمد عبده، الذي عمل ضابطًا بالقوات المسلحة من مارس 1972- 2007، وبدأ كتابة قصصه عن حرب أكتوبر عام 2000 عندما أصدر مجموعته القصصية "نقش في عيون موسى"، وأصدر روايته "ثعالب في الدفرسوار" عام 2010، ويعكف الآن على كتابة موسوعة "أدب الحرب في مصر". 



بحروف من نور 

قلت له: كتبت مجموعتك القصصية "نقش في عيون موسى" بعد 27 عامًا من حرب أكتوبر 1973، ومازالت التجربة الحربية حاضرة في أدبك وكتاباتك فماذا تقول عنها؟

 

قال: "أثناء اندلاع المعارك لم أكتب عنها، كنت في داخلها ولاتزال تجربة حرية في داخلي أتذكر البطولات العديدة التي كنت شاهدًا عليها صوّرت بعضها، ومازلت أعكف على تسجيلها، فقد عملت ضابطًا بالقوات المسلحة، وعملت في حرب 1973 في الخطوط الخلفية الرئيسية فني إصلاح معدات دفاع جوي، عملي إصلاح المعدات ودفعها إلى الجبهة، شهدت بطولات أهلنا في مدن القناة، خاصة في السويس، وكتبت عنها في قصصي، وروايتي "ثعالب في الدفرسوار".

 

 

واستطرد: كتبت مجموعتي القصصية الأولى عن حرب أكتوبر "نقش في عيون موسى"، عن هذا الموقع الحصين "عيون موسى"، والذي يبعد عن السويس 17 كيلو وكان الصهاينة قد أقاموا 37 موقعًا حصينًا على طول خط بارليف، وبدأت التفكير في كتابة بطولات جنودنا عندما ذهبت في إبريل 1974 بعد المعركة بخمسة شهور إلى سيناء والسويس.

 

وزرت موقع "عيون موسى"، فرأيت المقاتلين المصريين قد نقشوا أسماءهم على حوائط الموقع بالسناكي في استراحة المحارب للذكرى الخالدة، وقد اقتحمه جنودنا وحرروه يوم 9 أكتوبر 1973، كان الصهاينة يضربون من خلاله مصانع البترول في "الزيتية" و"الأدبية" على خليج السويس، فكتبت عن بطولات جنودنا المصريين الذين حرروه، ونقشوا أسماءهم بحروف من نور في هذا المكان. 

 

بطولات مصرية

 

 

 قلت: صورت العديد من البطولات خلال حرب الاستنزاف في كتاباتك، وترى أن هذه البطولات والمعارك كانت مقدمة مهمة لنصر أكتوبر 1973.

 

قال: بالفعل، بطولات ومعارك عديدة توجتها حرب أكتوبر 1973، وملحمة العبور، فمنذ الشهر الأول بعد هزيمة 1967 بدأت العمليات القتالية، التي كانت مؤشرًا على قدرة الجيش المصري وبسالته، ففي 1 يوليو 1967 تمكنت مجموعة من أبطال الصاعقة المصريين من صد فرقة مدرعات إسرائيلية في منطقة بور فؤاد ورأس العش على شاطئ القناة في الناحية الشرقية في سيناء، وأنزلوا خسائر جسيمة في القوات الإسرائيلية، وترتب على ذلك أن ظلت منطقة بور فؤاد ورأس العش تحت سيطرة القوات المصرية منذ هذا التاريخ.

 

 

وفي 1 يوليو 1967 تمكنت القوات المصرية، من خلال البطل إبراهيم الرفاعي والمجموعة 39 قتال من نسف مخازن الذخيرة في عمق سيناء حتى لا يستخدمها العدو. وقامت المجموعة 39 قتال بحوالي 92 عملية فدائية في عمق سيناء، كبدت العدو خسائر جسيمة، وهناك معركة الجزيرة الخضراء من ناحية البحر الأحمر حاول العدو الإسرائيلي احتلالها عشرات المرات، لكن قواتنا ظلت مسيطرة على هذه الجزيرة وحدثت فيها معركة استبسلت فيها قواتنا وكبدت العدو خسائر فادحة.. وفي رأيي أن حرب الاستنزاف تحتاج إلى الكثير من الكتب التي تسجل هذه البطولات من الناحية العسكرية، والأدبية معًا.

 

 

واستطرد يقول: "وعندما استشهد الفريق عبدالمنعم رياض في 9 مارس 1969، وفي ذكراه الأربعين استطاعت المجموعة 39 قتال أن تعبر إلى المنطقة نمرة 6 بالإسماعيلية ودمرت الموقع بالكامل، والذي تم من خلاله قصف الفريق عبدالمنعم رياض. 

 

كل هذه البطولات، والتخطيط والتدريب وتأهيل القوات لدخول المعركة الكبرى حققت النصر، ولذا أخطط لعمل سلسلة بعنوان "أكتوبر يا أولاد"، أتناول فيها في كل جزء شخصية بطل من أبطال حرب أكتوبر على سبيل المثال: سيد زكريا خليل أسد سيناء، الذي استبسل في القتال لآخر طلقة معه بعد أن استشهد زملاؤه، وعبدالرؤوف جمعة عمران، وهو من الذين عبروا خلف خطوط العدو قبل العبور 200 يوم خلف خطوط العدو، وكانت مهمته استطلاعية، وتعاون معه أهلنا من بدو سيناء، الذين قاموا بدور وطني كبير، كل هذه البطولات أريد صياغتها أدبًا وفنًا. 

 

المقاومة الشعبية 

 

قلت: كتبت عن بطولات الجبهة الداخلية من خلال روايتك "ثعالب في الدفرسوار"، وجسدت بطولات "صبيرة" و"ضاحي"، و"سراج" و"محسن"، رموزًا للشخصية المصرية العاشقة للوطن والفداء.

 

قال: "تكونت فرق المقاومة الشعبية أثناء تواجد قوات إسرائيلية في "الثغرة" في الجبهة الغربية، فشكّل أهالي المنطقة فرق المقاومة الشعبية التي أوقعت بالعدو خسائر جسيمة، علاوة على غلق الجيش المصري لمنطقة الثغرة، مما جعل العدو يندم على عبوره في الغرب وأدى ذلك إلى انقطاع الإمداد عن العدو، وهذه الرواية مازالت تحفزني على الكتابة الروائية في أدب الحرب، وقد كتبت هذه الرواية بعد الحرب بأكثر من ثلاثة عقود بعد زيارتي لمنطقة "فايد"، وحكى لي أحد الأسرى المصريين في الثغرة حكايته فألهمتني هذه الرواية.

 

 

أبطالها رأوا: "تحدي الشهب والنيازك الشارخة للجو أيسر عندهم من ترك أراضيهم، يقولون: خط النار ولا ترك الديار". لقد صوّرت صمود الجبهة الداخلية وكأني أرى "صبيرة" وهي تنشد من أغنيات أكتوبر لفي البلاد يا صبية لفي البلاد/ باركي الولاد يا صبية ولد ولد"، هذه الأغنيات جزء من نسيج السرد في قصصك وروايتك.

 

 

قال: "الأغنية الوطنية عبرت عن نصر أكتوبر، وهي نابضة بعشق الوطن وتصوير الحدث العظيم، والمشهد الأدبي في مصر فيه جانب مهم هو الكتابة عن أدب الحرب، ولدينا عدد كبير من الكتاب الذين شاركوا في الحرب" في يونيو 67، وحرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر، وجسدوا تجربتهم الحربية في أعمال أدبية، ومن أوائل من كتبوا في أدب الحرب على حد علمي فؤاد حجازي، فهو أول من كتب في أدب الحرب روايته "الأسرى يقيمون المتاريس"، ومجيد طوبيا الذي كتب روايته "أبناء الصمت"، عن حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر. 

الشخصية المصرية 

 

 

قلت: ترى أن أعظم ما في نصر أكتوبر البطولات الحربية التي أظهرت روح البطولة في الشخصية المصرية فكانت محورًا لكتاباتك. قال: " في عيون موسى" على سبيل المثال في هذا الموقع أحد الجنود عبر الأسلاك وانفجر فيه لغم فتبعه جندي آخر ألقى بنفسه ليفجر نفسه ويفتح ثغرة للقوات بعده، فرش جسده لينفجر فيه أكبر عدد من الألغام ليعبر الآخرون ويقتحموا الموقع"، ولذا فأبطال الحروب هم أبطال قصصي، فالراوي في قصتي "أكتوبر يا أولاد" هو البطل محمد المصري صائد الدبابات الذي دمر بقذائفه الشخصية 27 دبابة، وهذا لم يحدث في الحرب العالمية الثانية، ولذا دخل موسوعة "جينيس"، ومن ضمن الدبابات التي دمرها دبابة العقيد عشاف ياجوري قائد اللواء 190 مدرع الذي تم أسره في الإسماعيلية، وهناك بطولات محمد عبدالعاطي صائد الدبابات، الذي دمر للعدو 23 دبابة. 

من سمات قصصه

 

 قلت: من المشاهد المؤثرة في قصتك "الأشباح" من مجموعة "نقش في عيون موسى" قول المقاتل بهجت لزميله: "لو أنني أُسرت فقل لخطيبتي إنني قتلت حتى لا تنتظر لعلها تتزوج، أما إذا قُتلت فلقل لأمي إنني أُسرت، فقد يكون ذلك أخف وجعًا على قلبها". قال:" من ملامح قصص أدب الحرب في كتاباتي أن أبرزت الجوانب الإنسانية للشخصية المحاربة وعلاقتها بالآخرين كما في قصتي "صورة الشهيد"، و"ليالى عرس الصبية".. وغيرها". 

 

فرادة الفكرة وشاعرية اللغة

 

  قلت: من أبدع قصصك ما كتبته إلى "الجندي المجهول" ففيها فرادة الفكرة، وشاعرية اللغة. قال: "كتبت هذه القصة نوفمبر 2002".

 

وفيها يقول: "كيف تصفونني بالجندي المجهول وقد سقطت يوم قُتلت على ذراع أمي، راحت تجسّ عروقي، وتفتش في عيني، زاغت منها العروق، رأت نفسها في "نن" العين فأغلقتها عليها، وراحت في نوم عميق، أأكون مجهولًا وأمي تسكن فيّ"؟ "أما الملامح والتقاطيع فهي تشكيلة من لوز قطن أخضر، على حبات من كيزان ذرة على باذنجانات، على بلحات، كانت قد نقرتها العصافير في سباطة معلقة في نخلة حيَّاني، تجاعيد قحوفها هي بصمات أجدادي، ولو أنكم أعدتم عرض هذه الملامح والتقاطيع على أمي النائمة في "ننى" عيني، وذلك قبل أن تدفنوا أشلائي لكانت قد تعرفت عليّ، وما قلتم بأنني مجهول".

 

 

.. هكذا تكلم أحمد محمد عبده الأديب والمقاتل الذي أصبح مشروعه هو تسجيل البطولات المصرية، وإبراز سمات الشخصية المصرية وقيمها العالية في حب الوطن والأرض. وقد أصدر الكاتب العديد من المجموعات القصصية والروايات منها: "الجدار السابع"، و"حفر في الباطن" و"حالة حرب"، وهي مجموعات قصصية، ومن رواياته: "مكاشفات البحر الميت"، و"سُرّة البلد".  

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز